التحرش الجنسي بوسط البلد بين شهود العيان والتصريحات الرسمية

تناقل عدد كبير من المدونات المصرية على الانترنت أحداثا غريبة على مجتمعنا الشرقي الملتزم شهدتها شوارع وسط القاهرة خلال أيام عيد الفطر، حيث قامت مجموعات كبيرة من الشباب يقدرون بالمئات من مختلف الأعمار بالتحرش بالفتيات جنسيا في شوارع وسط القاهرة وخاصة أما سينما مترو وسينما ميامي بوسط البلد مستغلين حالة الزحام الشديد أمام السينمات خلال العيد.

وأكد شهود أن تلك الأحداث تكررت على مدار أيام العيد في ظل غياب لأي تواجد أمنى يذكر في الشارع.

وكان الموضوع قد أثير في برنامج العاشرة مساء على قناة دريم حيث تحدثت إحدى السيدات بأسى شديد عما تعرضت له هي وعدد من أصدقائها في وسط البلد على يد هؤلاء الشباب من انتهاكات وتحرش جنسي.

إلا أن وزارة الداخلية قامت بإرسال بيان حول تلك الأحداث الى البرنامج ينفي وقوع هذه الأحداث ويؤكد عدم تلقي اقسام الشرطة لأي بلاغات عن تعرض فتيات للتحرش أو الانتهاك في الشارع.

وأكد البيان أن ما حدث هو فقط حالة من الزحام الشديد أمام إحدى دور السينما بوسط القاهرة بسبب حضور بعض الممثلين لإفتتاح فيلم سينمائي.


لكن البرنامج أجرى حوارات متعددة مع عدد من شهود العيان الذين يعملون في المحلات المجاورة لدور السينما وشاهدوا تلك الوقائع وأكدوا جميعهم بلا استثناء وقوع تلك الأحداث المشينة دون أي تدخل من قوات الأمن.


وكانت عدة مدونات على الانترنت قد اشارت الى وقوع هذه الأحداث المؤسفة منذ عدة أيام وحدوث حالات انتهاك جنسي وتحطيم شباك التذاكر بسينما مترو بشارع طلعت حرب بوسط البلد.

وروى عدد كبير من المدونات المصرية مشاهدات عن تلك الانتهاكات البشعة من بينها مشاهدتهم لفتاة في أوائل العشرينات تتعثر على الارض والتفاف عدد كبير من الشباب حولها وقيامهم بلمس اجزاء من جسدها ونزع ثيابها عنها.

وعندما قامت الفتاة مسرعة مره اخرى وحاولت الركض في اتجاه مطعما قريب منها ودلفت أحاط الشباب بالمطعم الذي أغلق أبوابه ليحمي الفتاة من هؤلاء المسعورين، الذين لم ينصرفوا الا بعد ان صاح شاب منهم "في واحده تانية قدام سينما ميامي".

وركضوا في اتجاه شارع طلعت حرب مره اخرى ووجدوا فتاه محاصرة تماما داخل دائرة محاطة بمئات من الشباب يحاولون ان يتحسسوا جسدها وينزعوا عنها ملابسها.

وفي هذه المرة انقذ سائق تاكسي قام بإركابها في سيارته لكن الشباب لم يدعوا التاكسي يمر وشكلوا حوله دائرة واصروا على ان تهبط الفتاة من السيارة الى ان تدخل احد جنود الامن محاولا ضرب كل من يجده امامه باستخدام حزامه "القايش".

ثم توجه الشباب إلى فتاتين ترتدين عباءات خليجية يسيرون في الشارع واحاطوا بهم تماما وقام عدد كبير منهم باحتضان الفتيات وقامو بخلع الاحجبة التي كانوا يرتدونها وحاولوا فك عباءاتهن ولم ينتهي الأمر إلا عندما تدخل بعض اصحاب المحلات المجاورة وجذبوا الفتيات الى داخل المحلات لحمايتهن.

وذكر بعض المدونات أن الممثلة علا غانم التي تواجدت في الشارع لحضور افتتاح فيلمها بسينما ميامي لم تسلم هي الأخرى من التحرش حيث حاول الشباب ايضا ان يصلوا اليها لكنها كانت محاصرة ببعض الحراس الشخصيين الذي حاولوا التصدي لكنهم لم يستطيعوا صد كل الايدي الجائعة التي امتدت الى جسد الممثلة.

وبعدها ظهرت فتاة اخرى ترتدي حجاب وعباءة فقام مئات الشباب بمحاصرتها ونجحوا في اخلاعها عباءتها لكن عمال الامن في احدى العمارات استطاعوا ان يجذبوها الى الداخل وأغلقوا باب العمارة ومنعوا الشباب من الوصول الى الفتاة.

وروى شهود عيان ومدونات الانترنت - التي أرفقت عدد كبير من الصور حول تلك الحوادث - حالات عديدة لفتيات تم انتهاكن والتحرش بهن بعد أن يقوم الشباب المسعور بتشكيل دائرة حولهن وتكون الفريسة في داخل الدائرة ولا يرى احد ما يحدث بشكل جيد، وبذلك يتمكنوا من تمزيق ملابسهن ولا يتركوهن إلا بعد تدخل عمال الأمن أو أصحاب المحلات التجارية او سائق تاكس او حارس عمارة أو مجموعة من المارة ممن استفزتهم هذه المشاهد المفزعة ويقوموا بانقاذ احدى الفتيات.

حدثت كل هذه الأحداث واستمرت لعدة أيام في ظل غياب لاي تواجد امني يحاول التصدي لحالة السعار الجنسي الحاد الذي أصاب مئات من الشباب بدءا من 10 سنوات وحتى الاربعينات وجعلهم ينتهكون أي فتاة متواجدة في الشارع سواء كان محجبة او غير محجبة او حتى منتقبة في حالة فوضى مذهلة دون الإعتراف بأي سلطة او قانون أو أخلاق أو دين

وكل ما استطاع أن يفعله بعض الشرفاء هو أنهم وقفوا على ناصية شارع طلعت حرب وأخذوا يحذون الفتيات من المرور بهذه المنطقة وشرح لهم مايحدث بعد فشلوا في إيقاف ما يحدث لكن بسبب عددهم القليل أمام مئات الشباب المسعور

و تعليقا على هذه الأحداث قال مركز الجنوب لحقوق الإنسان، في بيان له إنه طوال أيام العيد قامت مجموعة كبيرة من الشباب بالتحرش بالفتيات والنساء في وسط البلد، وشملت ممارساتهم التهديد بالاعتداء والملاحقة، ووصلت إلي حد تجريد بعضهن من الملابس، ولم يكن للعدد القليل من رجال الأمن دور يذكر في حماية الفتيات.

وأكد المركز أن ما حدث في وسط القاهرة من تصرفات مشينة يعتبر دليلا علي مشكلات ضخمة يعاني منها المجتمع المصري، بسبب الفقر والبطالة وتأخر سن الزواج وسيادة ثقافة العنف واللا مبالاة وعدم احترام الآخر في ظل تسامح المسؤولين عن الأمن.

ودعا إلي العمل علي عدم تكرار مثل هذه المظاهر المعبرة عن تدهور المجتمع الذي أصبح يلقي باللوم علي الضحية، بدلا من إلقاء اللوم علي المسؤول الحقيقي، وطالب الضحايا وأهاليهم بعدم مواجهة مثل هذه الاعتداءات بالصمت خوفا من العار، بل بالفضح والمطالبة بعدم إفلات الجناة من العقاب، كما طالبوا وزارة الداخلية بالتحقيق الفوري في هذه الأحداث التي وقعت في أهم منطقة من مناطق القاهرة، والعمل علي عدم تكرارها في المستقبل.